responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 99
وَالتَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قُصِدَ بِهِ تَهْيِيجُ غَيْرَتِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ إِذْ قَدْ عَلِمَ الله أنّهم مُؤمنُونَ وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا لَاحَ عَلَيْهِمُ الْوَهَنُ وَالْحَزَنُ مِنَ الْغَلَبَةِ، كَانُوا بِمَنْزِلَةِ مَنْ ضَعُفَ يَقِينُهُ فَقِيلَ لَهُمْ: إِنْ عَلِمْتُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمُ الْإِيمَانَ، وَجِيءَ بِإِنِ الشَّرْطِيَّةِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا عَدَمُ تَحْقِيقِ شَرْطِهَا، إِتْمَامًا لِهَذَا الْمَقْصِدِ.
[140، 141]

[سُورَة آل عمرَان (3) : الْآيَات 140 الى 141]
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (141)
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ.
تَسْلِيَةٌ عَمَّا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْهَزِيمَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ عَجِيبٍ فِي الْحَرْبِ، إِذْ لَا يَخْلُو جَيْشٌ مِنْ أَنْ يُغْلَبَ فِي بَعْضِ مَوَاقِعِ الْحَرْبِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْعَدُوَّ غَلَبَ. وَالْمَسُّ هُنَا الْإِصَابَةُ كَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [214] مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ. وَالْقَرْحُ- بِفَتْحِ الْقَافِ فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ- الْجُرْحُ، وَبِضَمِّهَا فِي لُغَةِ غَيرهم، وقرأه الْجُمْهُورُ: بِفَتْحِ الْقَافِ، وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَخَلَفٍ: بِضَمِّ الْقَافِ، وَهُوَ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي غَيْرِ حَقِيقَتِهِ، بَلْ هُوَ اسْتِعَارَةٌ لِلْهَزِيمَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ، فَإِنَّ الْهَزِيمَةَ تُشَبَّهُ بِالثُّلْمَةِ وَبِالِانْكِسَارِ، فَشُبِّهَتْ هُنَا بِالْقَرْحِ حِينَ يُصِيبُ الْجَسَدَ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحَقِيقَةُ لِأَنَّ الْجِرَاحَ الَّتِي تُصِيبُ الْجَيْشَ لَا يُعْبَأُ بِهَا إِذَا كَانَ مَعَهَا النَّصْرُ، فَلَا شَكَّ أَنَّ التَّسْلِيَةَ وَقَعَتْ عَمَّا أَصَابَهُمْ مِنَ الْهَزِيمَةِ.
وَالْقَوْمُ هُمْ مُشْرِكُو مَكَّةَ وَمَنْ مَعَهُمْ.
وَالْمَعْنَى إِنْ هُزِمْتُمْ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَدْ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ بَدْرٍ وَكُنْتُمْ كفافا. وَلذَلِك أعقبه بِقَوْلِهِ: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ. وَالتَّعْبِيرُ عَمَّا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فِي يَمْسَسْكُمْ لِقُرْبِهِ مِنْ زَمَنِ الْحَالِ، وَعَمَّا أَصَابَ الْمُشْرِكِينَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي لِبُعْدِهِ لِأَنَّهُ حَصَلَ يَوْمَ بَدْرٍ.
فَقَوْلُهُ: فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ لَيْسَ هُوَ جَوَابَ الشَّرْطِ فِي الْمَعْنَى وَلَكِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ أَغْنَى عَنْهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِيجَازِ، وَالْمعْنَى: إِن يمسكم قَرْحٌ فَلَا تَحْزَنُوا أَوْ فَلَا تَهِنُوا وَهُنَا بِالشَّكِّ فِي وَعْدِ اللَّهِ بِنَصْرِ دِينِهِ إِذْ قَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست